في المنشآت الوسطى والكبيرة بشكل خاص ولأسباب عملية واقتصاديّة واسقلاليّة تصنّع بعض المنتجات في نفس المنشأة بقصد استعمالها في عملية التصنيّع الرئيسة والتي تخصّص منتجاتها للسوق (للزبائن). فهذه المنتجات المصنّعة داخلياً والتي تدخل غالباً كلياً في تصنيع المنتجات الرئيسة للمنشأة يطلق عليها منتجات داخلية. مثلاً : إنتاج آلاتٍ وعددٍ وأغلفةٍ وقوالبٍ وتيارٍ كهربائي ٍ وماءٍ وبخارٍ لاستخدامها في عملية التصنيع الرئيسة . كل هذه الإنجازات تعدّ إنجازات داخلية ويجب تحديد المراكز التي تنتجها وتحديد أنواع التكاليف التي نشأت بسبب تصنيع كل منتج داخليّ وحصرها وتحميلها للمنتج الرئيس أو للمنتجات الرئيسة التي دخلت في تصنيعه.
بما أن بعض الإنجازات الداخلية كالآلات والعدد والصيانة الداخلية الكبيرة قابلة للتأصيل (للرأسملة) أي يجب إضافة قيمتها لقيمة الأصل الثابت المعنيّ حيث تستهلك
ضمن عملية احتساب استهلاك الأصول الثابتة على فترات وفقاً لعمرها الاقتصادي. هذا يعني يجب معاملة المنتجات الداخلية القابلة للتأصيل كحملة تكلفة حيث تحصر تكاليفها وتأصل وتحصر إنجازاتها وتحمل لحملة تكلفة أخرى. في حال عدم إمكانية التأصيل تعامل المنتجات الداخلية معاملة المواد المستهلكة وتراعى تكلفتها محاسبياً ضمن حسابات النتائج وطبعا تحمل تكلفتها للجهة أو للجهات المسببة لنشوئها.
إن توزيع تكاليف المنتجات الداخلية على حملة التكلفة (المنتجات المخصّصة للسوق) مصحوب بصعوبات جمّة وقلما يكون دقيقاً. السبب بذلك هو غالباً ما تضطر مراكز الإنتاج (مراكز التكلفة) خلال تصنيع المنتجات الداخلية لتبادل الإنجازات فيما بينها. فمركز الإنتاج (آ) يعطي لمراكز الإنتاج (ب) و (ج) وإالخ.... ويأخذ بنفس الوقت منها كلها أو من بعضها إنجازات لتسيير عملية التصنيع الداخلية. وبهذا تنشأ مشكلة تحديد تكلفة وحدة الإنجاز في كل مركز اشترك في عملية تبادل المنتجات الداخلية ما لم يعلم أولاً تكلفة كل وحدة إنجاز حصل عليها من المراكز الأخرى ، وبالتالي من الصعوبة بمكان تحديد تكلفة المنتجات المخصّصة للسوق بدقة لكونها تضم أجزاءً من تكاليف الإنجازات الداخلية. لحل هذه المشكلة المحاسبية طوّرت طرق محاسبية عديدة. بعض هذه الطرق تعطي نتائج تقريبية وبعضها الآخر يعطي نتائج دقيقة. بيد أن الطرق المحاسبية الدقيقة تعتمد على نظم رياضية بحتة ولم تلق في الحياة العملية تشيعاً كبيراً.
تجدر الإشارة بأن الطرق غير الرياضية لتوزيع تكاليف المنتجات الداخلية ولاحتساب تكلفة وحدة الإنجاز الداخلي تنطلق من الفرضية بأن مراكز الإنتاج للسلع الداخلية لا تأخذ إنجازاتٍ من مراكز أخرى وإنما تعطي فقط. وفي حال أخذها لبعض الإنجازات يفترض بأن تكلفتها صغيرة مقارنة مع تكلفة الإنجاز المصنّع داخلياً. لذا تقدّر تكاليفها وتراعى محاسبياً . للاختصار سوف أشرح بإيجاز فيما يلي الطريقة الرياضية فقط.

كما ذكرت كل الطرق غير الرياضية لمحاسبة المنتجات الداخلية لا تسمح بتبادل الإنجازات سوى باتجاه واحد أي من المراكز المنتجة إلى المراكز الآخذة. ولكن الحياة العملية تجبر على وجود تبادل إنجازات داخلية بين العديد من مراكز الإنتاج (التكلفة). وبهذه الحال يمكن لكل جهة معطية أن تكون بنفس الوقت جهة آخذة ، فهي تعطي لغيرها ولنفسها وتأخذ بنفس الوقت من غيرها إنجازات. بهذه الحال لا تستطيع أية جهة مشتركة بتبادلٍ سلعيّ ٍ داخليّ ٍ كهذا أن تحتسب قيمة إنجازها ما لم تعرف مسبقاً قيمة كل وحدة مستلمة من جهات أخرى ودخلت في تصنيع منتجها الداخليّ . لإيجاد حلٍ لهذه المشكلة المحاسبية وضع العالم الاقتصادي الألماني F. SCHNEIDER حلا ً رياضيا ً مبنيّا ً على نظام معادلاتٍ من الدرجة الأولى والذي يمكن بوساطته معرفة تكلفة وحدة كل إنجازٍ داخلي ٍ ولكل مركزٍ صانع ٍ للإنجازات الداخلية ومشتركٍ في عملية التبادل السلعيّ.
مثال: لنفترض أنه يوجد في إحدى المنشآت مركزان يصنّعان منتجات داخلية مختلفة وأن هذين المركزين يتبادلان الإنجازات فيما بينهما كما هو مبيّن ٌ في الجدول أدناه. لكي نتمكن من معرفة تكلفة وحدة كل إنجاز ولكل مركز ٍ إنتاجيّ ٍ على انفراد يجب تحقيق الشرط القاضي بوجوب مساواة مجموع تكلفة الإنجازات الداخلية لمجموع تكاليفهما الأصلية والثانوية في كل مركز إنتاج.

تكاليف وإنجازات مراكز إنتاج
مركز 1 مركز 2
تكاليف أصلية
منتجات كلية
مركز 1 أعطى مركز 2
(تكاليف ثانوية)
مركز 2 أعطى مركز 1
(تكاليف ثانوية)
4000 وحدة نقدية
300 وحدة منتج


200 وحدة من 2
3000 وحدة نقدية
500 وحدة منتج
100 وحدة من 1

لنسمي تكلفة وحدة المنتج المجهولة والمراد تحديدها في المركز1 بـ (ت1) وتكلفة وحدة المنتج في المركز 2 بـ (ت2) فنحصل وفقاً للشرط السابق وأخذاً بعين
الاعتبار القيم المدرجة في الجدول أعلاه على المعادلتين التاليتين:
300 X ت 1 = 4000 + 200 X ت2 ،
500 Xت 2 = 3000 + 100 X ت 1 .
بعد حل هاتين المعادلتين من الدرجة الأولى نحصل على تكلفة الوحدة للمنتج الداخلي في كل من المركزين: ت1= 20 وحدة نقدية ت2 = 10 وحدات نقدية.
لنفرض الآن أنه يوجد عدد كبير من مراكز الإنتاج تتبادل مع بعضها البعض منتجات داخلية وأن تكاليفها الأصلية تساوي:
ص1 ، ص2، ص3، ................. ص ن للمراكز م1، م2، م3، .............م ن
وأن الكميات المنتجة والمتبادلة بين المراكز تساوي:
ك1، ك2، ك3، ................. ك ن للمراكز م1، م2، م3، ..............م ن
وأن تكلفة وحدة التبادل للمراكز المعطية تساوي
س1، س2، س3، ............س ن للمراكز م1، م2 ، م3، ..............م ن
لنطلق على مجموع الكميات المنتجة في كل مركز إنتاج داخليّ
ج1، ج2، ج3، ..............ج ن للمراكز م1، م2، م3، ...................م ن

انطلاقاً من الشرط المذكور سابقا ً والقاضي بأن مجموع تكلفة الإنجازات الداخلية
يساوي مجموع تكاليفها الأصلية والثانوية في كل مركز إنتاج يحصل المرء على نظام معادلاتٍ من الدرجة الأولى التالي علماً بأن رقم المؤشر الأول المرافق لرمز الكمية المتبادلة (ك) يدل على المركز المعطي ورقم المؤشر الثاني يدل على المركز الآخذ:

ج1 x س1 = ص1 + (ك11 x س1 ) + (ك12 x س1 +......+ (ك ن1 x س ن)
ج2 x س2 =ص2 + (ك22 x س2 ) + (ك21 x س2 + .....+ (ك ن2 x س ن)
. . . . . .
. . . . . .
. . . . . .
من الملاحظ أن هذا النظام من المعادلات الرياضية يساوي عدد مراكز الإنتاج المشتركة
في عملية تبادل المنتجات الداخلية وأن عدد المجاهيل فيه يساوي عدد أنواع ا لتكلفة
المتبادلة.