تعتبر المواضيع الاقتصادية المحور الاساسي الذي تدور حوله حياة الافراد والشعوب ، وتسعى مختلف المذاهب الفكرية تحقيق غاياته الاساسية المتمثلة بتحقيق سعادة ورفاهية عيش الافراد في المجتمعات العالمية .
خلال الفترة المعاصرة حصلت في مجتمعات الدول الغربية تطورات هامة على المذاهب الاقتصادية المعتمدة من قبلها على المستوى الفكري والتطبيقي نتيجة النهضة الاقتصادية والفكرية الحاصلة لديها ، بموجبها اصبح مفكري كل مذهب يتباهى بكونه يمثل الاسلوب الامثل لتنفيذ غاياته الانسانية .
اما المجتمعات الاسلامية فانها نظرا لعدم حصول نهضة تنموية حقيقية في اقتصادياتها لاسباب عديدة ، لذا لم تستدعي الحاجة لحصول تطورات مهمة في اسسها الفكرية لمواكبة التطورات الاقتصادية كما حصل لدى المجتمعات الغربية ، وعندما استباق المجتمع الاسلامي من سباته لاحظ الفجوة الكبيرة بين الانجازات الفكرية والمادية للحضارة الغربية بشقيها الراسمالي والاشتراكي مع الحالة المتخلفة لمجتمعاته .
استنادا لذلك فقد بذلت جهود فكرية وتطبيقية لاحداث نهضة تنموية في مجتمعاته ، لتوضيح معالم ومفاهيم الفكر الاسلامي في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وغيره ، ان هذه التجربة لا تزال في طور التكوين والتكامل .
سنتناول في هذه الدراسة المختصرة توضيح مفهومي (الربا والاكتناز) ، باعتبارها احدى اهم المواضيع المهمة في الحياة الاقتصادية لشعوب العالم والتي يدور جدل كبير حولهما من الناحية الفكرية والتطبيقية كما سيم توضيحه في هذه الدراسة المختصرة .
نتاول في المبحث الاول والثاني - توضيح الرؤيا حولهما في الحضارات الانسانية وفي الشريعة الاسلامية ، وتحديد المفاهيم والابعاد الاقتصادية لهما ، مستفيدين من البحوث والدراسات الفكرية والفقهية الواسعة التي تناولت هذين الموضوعين من حيث تطور مفاهيمه في مختلف مراحل التاريخ والتعريف بهما ، وتحديد المفاهيم الاقتصادية المتعلقة بهما وذلك طبقا للمنطلقات العقائدية والفكرية للحضارات الانسانية وخصوصا الحضارة الاسلامية ، سنبين هذه المواضيع باختصار .
ومن خلال البحث سنوضح الاهمية الحيوية للمؤسسات المالية للنشاط الاقتصادي وفي اجراء عملية التنمية الاقتصادية لاي مجتمع ، علما ان هذه المؤسسات تمارس نشاطها حاليا بشكل مباشرة او غير مباشرضمن دائرة النشاط الربوي ، (عدا المصارف الاسلامية التي تدعي ممارسة انشطتها المصرفية بعيدا عن النشاط الربوي ) .
ونتناول في المبحث الثالث - توضيح علة تحريم الربا والاكتناز في الشريعة الاسلامية من وجهة نظر اقتصادية ، وتوضيح الاهمية الحيوية لوظيفة التمويل في استمرار الانشطة الاقتصادية وتاثيرها الكبير على توازن ونشاط الدورات الاقتصادية وعلى مجمل النشاط الاقتصادي في المجتمع .
ان شيوع استخدام الربا في المعاملات التجارية والاستثمارية لاي اقتصاد يؤدي الى تحويل ذلك الاقتصاد ليتصف بكونه اقتصادا ربويا .
نتاول في المبحث الرابع - النتائج التي توصل اليها البحث وتقديم جملة من التوصيات التي تتضمن مقترحات ضمن منهجية ملائمة يتم بموجبها استنباط وتحديد المفاهيم والاسس الفكرية للمواضيع الاقتصادية من الشريعة الاسلامية ، ليتم على ضوءها تكوين نظريات اقتصادية تشكل قاعدة فكرية لنظام متكامل ومتناسق للاقتصاد الاسلامي .
بغرض اعداد هذا البحث استفدت كثيرا من الافكار والمواضيع التي سبق طروحها من قبل فقهاء ومفكرين اسلامين وغير اسلاميين ، وانصبت جهودي على اعادة ترتيب مواضيعها وفق منهج معين استثمرته بغرض بلورة وصياغة مفهوم محدد اردت من خلاله توضيح وبيان علة تحريم الربا والالكتناز في الشريعة الاسلامية من مفهوم اقتصادي .